Archive for أكتوبر, 2012

على مضض

15 أكتوبر 2012

أقف في منتصف الشارع في هذا الصباح المتأخر.. أريد سيارة أجرة. قلما تمر سيارات الأجرة من هذا الشارع الجانبي، ولكني لا أعبأ. اليوم إجازتي؛ ولكن هناك بعض الأوراق التي أود أن أنهيها من بعض المصالح الحكومية.
هاهي أجرة تمر من أمامي طرازها قديم ولكنها تؤدي الغرض.. ألوح لها بثُقل يدي التي تتمنى ألا تقف لي.. كلنا نحب ركوب السيارات الفارهة وكم هي مريحة كراسيها، ولكن السيارة تقف وأركبها على مضض بدون إظهار عدم إرتياحي.
السائق لحيته تخفي وجهه لا هو متهجم ولا هو مبتسم.. هذا النوع من الساقة لا أرغب في تجاذب أطراف الحديث معه، أظن أن مشكلة إطلاق الأحكام المُسبقة ترافقني أينما ذهبت. أقتضب في الحديث وأخبره وجهتي المقصودة:
-السجل المدني..
غالباً لا أضيف كلمة أسطى أو باشمهندس كعادة الناس في الحديث مع سائقي الأجرة، ربما لمقتي تردد اسم وظيفتي *مهندس* وعدم احقيته لها..
على أية حال، إنطلق السائق بهون ولم تتعدى سرعة العداد الثلاثين كيلو متراً في الساعة.. هذا أحد عيوب هذه الأنواع من السيارات. لم ينظر إلي ولكنه قام بإعلاء صوت الكاسيت ليصدح صوت شيخ بالوعيد والإنذار والتحذير وكل درجات التهديد.. امتعضت قليلاً وحاولت بقدر المستطاع أن أكتم رأي في هؤلاء المُجلجلين، ونقطة أخرى لا أنوي إنكارها؛ رد السائق سيكون عنيفاً وستتطور الأمور كالعادة للتكفير والقذف بالكفر، والجدال مع أصحاب العقائد الصلبة صعب، ما يظنونه حقيقة لا جدل فيه والمخالف يُرجم إذا سمح لهم المتصدحين بذلك.
يزداد عواء الكاسيت، حتى طفق بي الكيل.. وقلت بنبرة حادة:
– أخفض صوت الكاسيت قليلاً لو تكرمت.
كلما أنوي الإنقضاض على هؤلاء وأمثالهم، يلين قلبي ويأتيني يقين بعقلهم الضئيل وضيق الأفق وأعلم أنهم مُسيرون يحتاجوا لراعي.. هل نحن ذئابٌ ضالة؟ هذه وجهة نظرهم.
يرمقني السائق بنظرة سخطٍ ويمد يده ليُخفض صوت الكاسيت.
ويقول هو الآخر بامتعاض:
– لا إله إلا الله.
وأرد عليه بصوت خفيض:
محمد رسول الله.
يرجع السائق لما كان يفعله السكون.. وصوت محرك السيارة هو الذي يعلو صوته على صوت الصادح. أنظر لساعة يدي ليس إلا تعجلاً لإنهاء هذه الرحلة الطويلة نسبياً.. أوقات السعادة قصيرة وما أطول ساعات الضيق.
هاقد وصلت للمحطة المنشودة، أترجل تاركاً عُملاتي الفضية للسائق الذي لم ينبس ببنت شفة، ورددته نفس المقال والإحساس.

12 أكتوبر 2012

التعليم هو نزعة شخص ما لصناعة مثيل له… التعليم هو الثقافة تحت القيود، والثقافة حرة طليقة. التعليم هو دفع وجبر الطالب على الدراسة. ويكون التدريس والتوجيه خاص وحصري عندما يعتبر المُعلم المواد مسألة ضرورية. ~~ ليو تولستوي

يتحول التعليم إلى ثقافة عند غياب الإكراه والإجبار.